
إن رجلا مثل محمد عبد الوهاب ينقل قطعه الموسيقية عن الموسيقى الأوروبية بمثل هذه الجرأة والوقاحة ينقلها كما هي دون تحريف أو تبديل هو رجل لص إني أقصد هنا بكلمة لص ما يراد بها تماما بل ربما كان لبعض اللصوص مبررات لسرقاتهم لكننا لا ندري سببا يبرر كل هذه السرقات التي تدر على عبد الوهاب كل هذه المئات من الجنيهات كل عام ،يسرق البعض فيسجن ويسرق البعض فيصفق له الجماهير لكن الجماهير لا تدري ولو درت ما صفقت . هل أعطاها شيئا من فنه أو من تفكيره ؟ في أي مشكلة من المشاكل التي تكتفها كل يوم ؟ إنه يبكي في كل أغنياته ويساعدها على التخدير والبكاء ، إنه يئن ويتوجع في كل أغنية ويساعدها على الخمول والفناء ، إنه يقتل فيها كل حياتها ، إنه يقتل فيها كل قوتها ، إنه يقتل فيها كل أملها ، إنه يقتل فيها كل اعتداد بنفسها ، إنه يشيعها في كل أغنية من أغانيه إلى قبر بعيد وهي تسير معه إلى حيث يقودها ، مثل هذا الرجل الذي يساعده بقال آخر كمحمد كريم لإخراج هذه المخدرات السينمائية التي تميت طبقات الشعب بينما يقتني منها منتجوها الآلاف والقصور والعذب …. وليحيا الحب
إنه لأقل ضررا أن تبيح محافظة مصر تعاطي المخدرات من أن تترك أغاني وأفلام محمد عبد الوهاب وهي الأكثر انتشارا .
إننا لا نهاجم عبد الوهاب كفرد إنه لا يهمنا أمره لكن ضرره هو ما يهمنا وفي اليوم الذي ستفكر فيه وزارة الشئون الإجتماعية جديا في أمر الشعب ستجد نفسها لأن تصادر كل ما ينتجه أمثال هؤلاء البقالين ولكن هل ستفكر وزارة الشئون الإجتماعية في هذا ؟
إن عبد الوهاب ينقل عن الموسيقى الأوروبية حرفيا أتعس ما أوجدته هذه الموسيقى أو أكثرها تعاسة . وإن كان لابد لهذه الموسيقى من النقل فلماذا لا ينقل موسيقى أصلح مما ينقله الآن ، فلماذا لا ينقل من موسيقى كورساكوف أو رافل أو راحمانيفوف ؟ لماذا لا ينقل لهذا الشعب الذي يتبعه شيئا من أغاني بول روبينسون أو من اغاني أرمسترنج الحية بفنها ورمزيتها ومعناها ؟
إن الشعب قد تسمم بأغانيه المريضة . إن الأمل الوحيد وعلى هؤلاء الفنانين إصلاح ما أفسده عبد الوهاب المريض .

مجلة التطور _كامل التلمساني
العدد الخامس
الفن المصري والمجتمع الحاضر _مايو 1940
